قضايا اللهو و الترفيه صارت عند كثير من الناس شيئاً ثابتاً في حياتهم ، له برامجه المنتظمة ، و أوقاته المحددة ، حتى صاروا يرون أنه لا استغناء عنه.
قضية اللهو و الترفيه نتيجة –في الغالب- للفراغ الموجود في حياة الأفراد ، و هو من أهم العوامل الممارسة التي تؤدي إلى صور من ممارسة أنواع الضياع و التسيب: انحطاط في الأخلاق ، عالم المخدرات ، ألعاب الميسر ، صور الفساد و الانحلال.
إن مشكلة فراغ الوقت ، ظاهرة أوجدتها الحياة المعاصرة أكثر من ذي قبل ، و كان للتقدم العلمي و الصناعي مزيد من المساهمة في إيجاد أوقات الفراغ ، حوّل الإنسان إلى آلة ، بل قتل إنسانيته و لم يشبع رغبات نفسه و قلبه و عقله ، و بات كثير من الناس لا يعرفون كيف يصرفونأوقاتهم ، فتذهب عند الكثيرين في المخدرات و الجريمة و الانحراف ، ثم يقولون إنها ضريبة الحضارة ، كلا ، إنها جريمة الجاهلية.
هذا الفراغ الذي لم يوظف في النافع ، و لم يستثمر في وجوه الإنتاج التي تعود بالخير على الفرد و المجتمع ، لقد أوجد هذا الفراغ ، أوجد بيئة كبيرة للمحرمات و انتشار الرذيلة و الفساد ، و نشأ عندهم -أي في الغرب- علم يعرف بعلم اجتماع الفراغ بعد الحرب العالمية الثانية ، و هو من فروع علم الاجتماع العام يعتني بالأنشطة الترويحية و الترفيهية التي تنمّي الشخص بزعمهم و تزيد الطاقة الإنتاجية ، و هذا كلام فيه حق و باطل.
لقد أشارت بعض الدراسات إلي زيادة وقت الفراغ في حياة الأفراد ، و من أسباب ذلك التقدم العلمي الذي شهده العالم اليوم ، حلت الآلة محل الإنسان في كثير من الأعمال ، و عملت في ثوان ما لم يكن يستطيع الإنسان عمله إلا في ساعات أو أيام ، و هذه الإحصائيات تقول بأنه فيعام 1875 ميلادي كانت نسبة و قت الفراغ في حياة الإنسان 7.8% ، و أما نسبة وقت العمل الإنتاجي في حياته 26%. في عام 1950 صارت نسبة وقت الفراغ في حياة الإنسان 20.7% ، و نسبة وقت العمل الإنتاجي في حياته 15%. و في عام 2000 ، صارت نسبة أوقات الفراغ في حياة الإنسان العادي 27% ، و نسبة أوقات العمل الإنتاجي فيه تقريبا 8%.إذاً تزداد أوقات الفراغ و تقل الإنتاجية. و في إحصائيات جاءت لهؤلاء الغربيين ، أن ساعات الفراغ الأسبوعية في حياة العمال زادت أربع ساعات ما بين عام 1965 إلى 1975.
و في دراسة أجريت على أربع دول عربية: الأمارات و تونس و السودان و موريتانيا ، و جد أن وقت الفراغ للشباب في أيام الدارسة من 3 إلى 4 ساعات يوميا ، و في الإجازات 9 ساعات يوميا. و عندنا هنا بالأستبانات التي وزعت على عدد من الشباب كانت النتيجة قريبة ، في أيام الدراسة معدل ساعات الفراغ لدى الذكور 4 ساعات يوميا و لدى الإناث 3 ساعات يوميا تقريبا. في أيام الإجازات تكون عدد ساعات الفراغ يوميا لدى الذكور ما بين 5 إلى 8 ساعات ، و لدى الإناث ما بين 5 إلى 10 ساعات.
قضية وقت الفراغ